ومن أمثلة الصبر على البلاء تبين لنا النعم التي يحصل عليها الإنسان الذي يتحمل كل أنواع البلاء بسبب ثقته في الله عز وجل لينقذه مما هو فيه. كنا نتعرض باستمرار للعديد من المشاكل ولكن الله أكرمها، والآن سنعرض لكم بعض النماذج…

أمثلة على الصبر في مواجهة المشاكل

ورغم أن المصيبة بشكل عام ضرر يتعرض له الإنسان، إلا أنها تدل أيضًا على أن الله تعالى يذكر عبده ويريد أن يبلغه عنه، ولذلك فإن أغلب من يتعرضون للمصائب هم من الأنبياء، والآن سنعرض لكم ومن أمثلة الصبر على البلاء في الفقرات التالية:

1- صبر نبينا محمد وتحمله للمصائب

وفي حديثنا عن أمثلة الصبر في مواجهة المصائب، فإن من أصعب الأمثلة بشكل عام هي قصة حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بين كثير من الناس الذين يكرهونه. ومنذ بداية حياته، عندما بدأ بالتبشير بدين الإسلام، زادت المشاكل أكثر.

بدأ أهل القبيلة التي يعيش فيها يؤذونه كثيرا، ويشككون في ما يقول ويفعل بشكل عام، مما سبب له أضرارا نفسية وجسدية، ومن أكثر الأمور التي أثرت عليه سلبا هو اعتراض الناس على هذا القانون. ويدعو أقاربه بشكل خاص إلى الإسلام.

وكان أبو لهب يتجول في الشوارع وهو يكذب على النبي ويقول لهم: “نحن نعرفه، إنه يكذب عليكم”. كما بذل قصارى جهده لإبعاد الناس عنه. وكان عدم تصديقهم لدعوته واتباع دينه من سمات المشاكل التي تعرض لها في مكة.

ولما ذهب إلى الطائف راجيا من الله عز وجل أن ينصره قوبل بترحيب رهيب جدا، وهجم عليه بلطجية القوم وجعلوه يرمونه بالحجارة حتى وصلت الحجارة إلى قدميه الشريفتين.

وكان التعرض لظلم اليهود والمنافقين أثناء الهجرة إلى المدينة المنورة من أصعب الأمثلة على الصبر في مواجهة المصائب. صبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

2- صبر نبينا إبراهيم وابنه إسماعيل

وكانت المصيبة الخاصة بهذا النبي أنه رأى في منامه أنه يذبح ابنه إسماعيل، ومعلوم أن رؤيا الأنبياء هذه عموماً هي وحي، فذهب النبي وأخبر أباه بهذا الموقف و هرتز. وبما أن الله تعالى قد تكلم فقد أراد له حقا أن يقوم بهذه المهمة، وقد أوضح الله تعالى هذه المسألة في كتابه تعالى على النحو التالي:
{فلما بلغ معه آخر السفر قال يا بني إني أرى في منامي أني أذبحك فانظر ما ترى}. فقال: يا أبت، افعل كما تصنع. لقد أمروا. ستجدني إن شاء الله.” من الصابرين } [الصافات: 102]
فوافق ابنه على قتله، ولذلك ذكر الله ذلك أيضاً في الآية 102 من نفس السورة.
{يا أبت افعل ما تؤمر قال}.
ولكن عندما بدأ الأب إبراهيم بذبح ابنه، قال الله: { ولما أسلموا }بينما كان نبينا إبراهيم يضع ابنه على جبهته ليذبحه حدثت معجزة في نفس الوقت فوجد كبشاً مكانه ليذبح ابنه، قال الله تعالى عن ذلك ما يلي: {لقد صدقت يا إبراهيم} [سورة الصافات: الآية 103].

وبفضل هذه القصة نتعلم أنه يجب علينا الصبر مهما كانت الاختبارات صعبة، وأن الله تعالى سيقدم لنا الحلول لهذا الاختبار في المستقبل القريب. لقد انكشف أمرهم لأنهم كذبوا على النبي إبراهيم وألقوه في النار. حدث هذا بعد كسر الأصنام.

ننصحك بالقراءة

3- صبر أيوب

على مر العصور، اتخذ الناس بشكل عام صبر ربنا أيوب مثالًا يحتذى به في حياتهم؛ فإنه تخطى كل قيود الصبر المثل، كما يقول الله تعالى:
{وأيوب ” إذ نادى ربه أن مسني الضر وأنت أرحم الراحمين “. فاستجبنا له وكشفنا كربته وأعطيناه نصيبه. من أهله ومن معهم مثله. رحمة منا وموعظة لعبادنا } [سورة الأنبياء: الآية 32-84].
إن الضيق الذي تعرض له سيدنا أيوب كان عظيمًا في ماله وأولاده وجسده وكل شيء بشكل عام، فقد كان له أولاد كثيرون وحيوانات ومواشي وزروع وكل أنواع البركات. واختفى كل هذا في لحظة، وأنزل الله في جسده مرضا عضالا، فلم يبق منه إلا قلبه ولسانه.

ثم لن يبقى له غير زوجته التي لن تهتم إلا به، ولكن في النهاية أكرمه الله عز وجل، وأكرمه الله على صبره، فيمكننا أن نقول إن الصبر خير مثال تظهر في مواجهة الضيق قصة ربنا أيوب.

4- الصبر أم سليم (رضي الله عنها) لفقد ابنها

من خلال حديثنا عن أنماط الصبر في مواجهة الألم, ويجب أن نضرب لكم مثالا في صبر الصحابة الصالحين، فكما أحبت أم سليم ابنها مثل كل أمهات العالم وصبرت على مرضه الشديد وآخر فترة من حياته -رضي الله عنهم- فشق عليها الأمر كثيرا حتى مات ابنها وخسرت خسارة عظيمة، فلما حزن قال عن أنس رضي الله عنه:
“كان لأبي طلحة ولد يقال له أبا عمير، قال: كان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: يا أبا عمير، ما فعل النجار؟” قال: فبينما هو ليس في بعض حجرات أبي طلحة وقع. مرض فمات الطفل، فقامت أم سليم فغسلته وكفنته ولفته في ثوب وغطته بثوب، وقالت: لا ينبغي لأحد أن يخبر أبا طلحة حتى أخبره، فجاء أبو طلحة يبكي. وهو صائم، طيبوه، وأعدوا له طعاما، وأتى بطعامه، قال: ما فعل أبو عمير؟، قال: تعشى وقضى، قال: تعشى. وأخذ ما أخذ الرجل من أهله. ثم قال: «يا أبا طلحة، هل رأيت أهل البيت يقرضون أهله المال؟» يسكن شيئاً عارياً فيريده صاحبه، فهل يرده أم يحبسه؟ قال: أو بل يردونها عليهم، قال: ظن أبا عمير، قال: فغضب فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قالت أم سليم، ثم قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: بارك الله لكما في ليلتكما الأخيرة.

5- صبر بلال على العقوبة

تعتبر قصة بلال بن رباح -رضي الله عنه- وصبره عمومًا من أشهر قصص الصبر، لأنه تعرض لأشد العذابات وظل صابرًا مثل أمية بن رباح. كان حلف يخرجه عند الظهر ويربت على ظهره.

ثم يضع الصخرة الكبيرة بمكة على صدره ويقول::
«لا يزال على هذه الحال حتى يموت أو يجحد محمدًا، فيقول وهو على هذه الحال: رجل من أحد».
ومن الجدير بالذكر أن هذا الصحابي الجليل كان له مكانة عظيمة بجوار النبي محمد (ص) – صلى الله عليه وسلم.

وكان من الأوائل الذين أسلموا، كما يعتبر من السبعة الأوائل الذين أسلموا، ومن قصته الجميلة يمكن أن نتعلم الكثير من العبر التي يشعر بها الناس بالحزن ويحسدون من هو أفضل منهم. هم في كل شيء.

أنواع الصبر

وبعد أن تعرفنا على أمثلة الصبر عند البلاء سنعرض لك أنواع الصبر الثلاثة ونناقشها في النقاط التالية:

  • صبره على أقدار الله خيره وشره: ومن المعلوم أنه يجب على المسلم أن يؤمن بالقدر، خيره وشره، لأنه في علم الغيب، أي يجب أن تتوكل على الله، وتنتظر ثوابه، وترضى بما قسمه الله لك. .
  • الصبر على اجتناب الذنوب: وقد يستغرب البعض من هذا النوع، لأن من يرتكب الذنب هو أكثر من يغضب، خاصة إذا كان ضميره متورطا، ولكن الله خلق أيضا الصبر على الذنب هناك. حتى يتخلص العبد منه وينصرف عنه بأي حال من الأحوال.
  • الصبر على طاعة الله: ومعلوم أن طاعة الله تعالى تعتبر من أعظم أبواب الصبر. لأن الطاعة تحتاج إلى جهد كبير وصبر حتى يقوم العبد بها على الوجه الصحيح ويكون من الصالحين.

الصبر مفتاح الحياة، وبفضله يستطيع الإنسان أن يتحمل الحياة بكل ما أوتي من قوة، كما فعل الأنبياء من قبل، فهو الشخص الذي يتعرض لأكثر الاختبارات طوال حياته.