ومن آذى الناس أبعد الله من يؤذيه من حقائق الله الكونية وشرائعه في الأرض، والله تعالى عادل لا يقبل الظلم، ولا يتسامح مع حقوق الخلق في الدنيا والآخرة. ولا بد من تذكير الناس في ظل ما يحدث في الآونة الأخيرة، وهكذا سنتعلم… هذا الموضوع.

ومن آذى الناس عاقب الله من آذاه.

إن دين الإسلام مبني على المحبة والأخوة بين الناس مسلمين وغير مسلمين، وليس الإسلام وحده بل كل الأديان السماوية تشجع على ذلك. إن الله تعالى سلم يحب السلام. قال الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة). [سورة الحجرات الآية 10], وجاءت السنة النبوية في الحديث التالي عن أنس بن مالك (رضي الله عنه): قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». [حديث صحيح صحيح البخاري].
والحديث المشهور الذي روي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان له جار يهودي وأنه ألقى قمامته بجوار بيت النبي صلى الله عليه وسلم من تأكيدات ذلك. فلما فعل ذلك سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فوجده مريضا، ولكن ما به – صلى الله عليه وسلم – ولكنه زاره في بيته.

والقسوة يردها الله على فاعلها فيعاقبه في الدنيا والآخرة. (إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات غير ما اكتسبوا فقد فقدوا بهتانا وإثما مبينا). [سورة الأحزاب الآية 58], وقد ذكر السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية أن المراد بالأذى هنا هو الأذى الفعلي واللفظي، واستمر أنهم بذلك قد ارتكبوا إثما وإثما عظيما.

والأمثلة والقصص كثيرة عن رد الضرر، وعندما ننظر إلى التاريخ نرى أن الكثير من الملوك كانوا في غاية القسوة والقسوة على أهل بلادهم ومن عارضهم، ولكن ماذا حدث لهم؟ وقد أعطى الله من هو أقوى منهم وأقدر أن يسلط عليهم فيؤذيهم ويسحقهم ويخفف آلام المظلومين.

وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: حدث النبي – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم بخمسة أشياء: إذا فعلتهم أمهم عذبهم الله، وكان فيهم. يقول: إلا أن السنين ظلمتهم، والأحكام قاسية، وظلمهم السلطان». [حديث صحيح صحيح الجامع]أي يسلط الله عليهم من يؤذيهم ويعذبهم ويعذبهم بسبب أخطائهم وظلمهم.

هل يرد الله كل أنواع الضرر على صاحبه؟

ومن آذى الناس عاقب الله من آذاه، وهذه حقيقة لا جدال فيها ولا شك فيها، ولو جاء الجواب بعد سنوات، يقول الله تعالى:
(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تغيب فيه الأبصار). [سورة إبراهيم الآية 42].
وكما أن الظلم هو نوع من الأذى، فإن القتل هو نوع من الأذى أيضا، وحقيقة أن الله لا يتخلى عن حقوق عباده في الدنيا تشهد عليها قصة حدثت منذ زمن طويل، عندما كان رجل يعيش مع رجل عجوز. الأب الذي لم يكن يستطيع الحركة أو عيش حياته دون مساعدة ابنه، أخذه بعيدًا في أحد الأيام، وذهب الابن إلى الصحراء ليقتله ويتخلص منه، وعندها طلب منه الأب أن يقتله. فسأله الابن عن سبب تلك الصخرة بالذات، فقال إنه في أحد الأيام قتل أباه هناك، فكان الجزاء هذا النوع من العمل.

ننصحك بالقراءة

ومن الإشاعات الأخرى التي يستدل بها أن رجلاً كان له زوجة وأطفال في المنزل، وكان والده رجلاً عجوزاً يعيش معه، ولم يتمكن الأب العجوز من التحكم في لعابه بسبب تقدمه في السن، فبدأ بالخروج أثناء الأكل.

اشمئزت زوجته وأولاده من هذا المنظر، فكانت ردة فعل ابنه عزله ليأكل بمفرده وتخصيص أدوات خاصة لتناول الطعام من أطباق وملاعق، وبعد فترة توفي الرجل العجوز وأراد ابنه الهروب من هذا الوضع. وتفاجأ عندما قاطعه ابنه الأصغر وأخبره أن يحتفظ بها لنفسه حتى يطعم نفسه من أوعية الطعام التي خصصها له من قبل حتى يكبر ويصبح مثل جده الراحل.

أنواع أخرى من الضرر

وكذلك الظلم من صور الأذى وعواقبه في الدنيا والآخرة، يقول عبد الله بن عمر – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: الظلم هو الظلم يوم القيامة.”وقد روي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: وبعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن فقال: اتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. [حديث صحيح صحيح البخاري]وكذلك الله تعالى لا يتسامح في حقوق عباده، والعفو للظالم يوم القيامة منوط بعفو المظلوم عن الظالم.

وبالإضافة إلى الأضرار التي يسببها الكفر، فإن الله تعالى يعاقبه في الدنيا قبل الآخرة. ولقد رأينا كثيراً من الظالمين الأقوياء الذين يظلمون الضعفاء منهم، يسبونهم ويلعنونهم. وهذا ما يفعله الله. كيف أرسلهم أكبر وأوحش وأقوى وأذاقهم ما اختبروه من أجل الآخرين.

ومن آذى الناس مهما كان نوع الأذى ودرجته، سلط الله عليه من آذاه، ولا يترك الله عبده إلا رد حقه، وأشفى ما في قلبه من وجع، فاحذر أن تؤذي غيرك.