فقلت: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً. وتفسير ذلك هو ما ذكره الله تعالى في سورة نوح. ويجد العبد هذه الآية أثناء بحثه وتأمله في آيات القرآن. ولما كانت رحمة الله تعالى ومغفرته واضحة من محتواها فإنها تثير فضول الناس وتضعهم في بحث مكثف للوصول إلى المعنى الصحيح، ويمكنك معرفة معنى هذه الآية وسبب نزولها هنا.

فقلت: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً.

وقد أنزل الله تعالى في سورة نوح آيات كثيرة يبين فيها قصة نبينا نوح (عليه السلام) وموقف قومه من دعوته إلى عبادة الله تعالى والإيمان به وحده. وهناك سور أخرى ذكرت بأسماء الأنبياء، إذ بدأت آياتها بقصة النبي الذي يحمل اسمه:
(ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم).
وفي قصة نبينا نوح (عليه السلام) صورة لقوم ما زالوا في عناد وضلال، وقد أرسل الله إليهم نبينا نوح (عليه السلام)، فلم يزل يدعوهم خمسين إلا ألف سنة. رحلة طويلة من الدعوة، مليئة بالبؤس والعناد والنكران… أرادوا فقط أن يحيدوا عن الطريق.

حتى بدأ نبينا نوح (عليه السلام) يأمر قومه بالصبر في صلاتهم، وتلبية دعوته، وعبادة الله تعالى، والتقوى، وذلك قبل أن ييأس منهم. اغفر ذنوب الأبرار وأزل عنهم الدمار والعذاب:
(إن أجر الله إذا جاء لا يتأخر لو كنتم تعلمون)
وكان يشكو إلى ربه عز وجل أنه كلما كثرت نصحهم زادوا سخطهم عليه.

ورغم خوف نبينا نوح من شدة العذاب والظلم الذي سينزل بهم الله، إلا أنه استمر في الوعظ والنصح حيث قال عندما اشتكى من حال قومه:
(رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً فما زادهم دعائي إلا فراراً)
وكما يقول فإن تفسير رد فعلهم على دعوته جاء في قوله تعالى:
(وكلما استغفرت لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم) ولبسوا ثيابهم وأصروا واستكبروا. غطرسة).
وهذا الوضع يدل على أن كفرهم وعنادهم زاد عندما دعاهم نبينا نوح (ع) وطلب منهم التوبة والتوحد مع الله. لأن الله تعالى رضى عن عباده الصالحين وأنعم عليهم. فيمطرهم في الدنيا والآخرة وينبت في الأرض نباتا.

فدعا نوح (عليه السلام) قومه بقوله تعالى:
فقلت: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً.
وتفسير ذلك هو كما يلي: لقد حاول نبينا نوح بكل الطرق أن يدعو قومه الذين استمروا في الكفر والعناد، فبذل قصارى جهده في دعوتهم، فدعاهم سرا وجهرا ودعاهم. ليسمعها الجميع.

ويرزقهم أموالا وبنين ويعدهم جنات تجري من تحتها الأنهار لا يخرجون منها أبدا.
(ينزل عليكم الغيث ويمدكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات وأنهارا)
ما الذي يجعلك لا تخاف من عقاب الله؟

سبب نزول سورة نوح

وبعد التأكد من الآية 10 التي تقول: “اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً” تفسيرها كالتالي: يشكو سيدنا نوح إلى الله تعالى أنه يحاول تحفيز قومه على إجابة هذا النداء. وقد استخدمت السورة بأشكال مختلفة منذ نزولها وهناك ارتباط قوي بينها وبين سورة ميريك.

بدايات السورتين متشابهة، وكما في نهاية سورة معري فقد وصف العذاب الذي تعرض له الكافرون الذين رفضوا دعوة رسل الله عز وجل وكذبوهم. وهو قسم من الله بأنه قادر على تغيير الأحوال، وهو ما حدث لقوم نوح عندما أغرقهم الله جميعاً، فهو وعد. من أسباب نزول سورة نوح ما يلي:

1- بيان قدرة الله تعالى على تغيير الأحوال.

سورة نوح لقوم محمد صلى الله عليه وسلم العذاب الذي وقع على قوم نوح هو إظهار قدرة الله تعالى على تغيير الأحوال وهو الله الذي وعد نبينا نوح لعباده الناس. وسأله أن يمدهم بالمال والأولاد، وأن يخرج نباتهم من الأرض، بالإضافة إلى المطر الغزير المحمل بكل مظاهر الخير.

وفي موقف النبي نوح من الدعوة لم يكن هناك عناد ولا رغبة في التراجع أو الإنكار، وكان ما فعلوه من أقبح المواقف وعنادها، فقد سدوا آذانهم وغطوا رؤوسهم ليسمعوا ما قاله نوح. قال (صلى الله عليه وسلم) ولم يره نبي ولا داعي.

ننصحك بالقراءة

فغضب الله عليهم غضباً شديداً، وأمر نوحاً أن يصنع سفينة، وأن يصعد إليها كل من آمن به، وكل من لم يركب السفينة يغرق، وكانت هذه فرصتهم الأخيرة، فإذا تراجعوا وركبوا. السفينة معه سيكونون من الناجين، لكنهم رفضوا ذلك أيضًا، فأغرقهم الله تعالى، وأخفى آثارهم، وجعلهم عبرة للجميع. ومن كذب رسل الله.

2- رد الله تعالى لنوح (عليه السلام)

وهذا مؤشر قوي على تأثير الأنبياء والمرسلين: عندما فقد نوح (عليه السلام) الأمل في قومه، ولم يعد يحتمل كفرهم وعنادهم وتكذيبهم لنفسه، نادى عليهم. وهذا قول الله تعالى:
(قال نوح رب لا تذر الكافرين في الأرض (27) إن تتركهم يضللوا عبادك ولا يلدوا إلا فاسقا وكفارا (27)
وقد عاش نوح (عليه السلام) بين قومه واختلط بهم 950 سنة، في مكان كان على يقين أنه لن يؤمن إلا قليل من قومه، وذلك لشدة يأسه من قومه. وكما حاول بكل الطرق أن يناديهم، كان متأكدًا أيضًا من أنهم سيستمرون في إنكاره ورغبتهم في القسوة والتجديف.

وفي الواقع، يكشف الله تعالى في الآية في سورة هود أن نوحاً كان متأكداً من موقف قومه وكان واضحاً في ذلك:
(ولقد أوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومه إلا من آمن فلا تبتئس مما يعملون).
أي أن الله تعالى كان على يقين أنه لن يؤمن إلا الذين آمنوا من قبل.

وكان تفصيل ذلك في كتاب الله تعالى بمثابة إنذار للأمم الأخرى، وجعل قوم نوح عبرة لكل من كذب الأنبياء وما جاءوا به من عند الله عز وجل.

3- بيان عظمة خلق الله

إن الله عز وجل هو الذي خلق الإنسان، ووسع عليه رزقه، وأعطاه الأموال والأولاد، وأمده بكل ما يحتاجه، ولكنه قادر أيضًا على محو جيله من الماضي والماضي. إن الله تعالى هو الذي يستطيع أن يهلك نهاية قوم كأنهم لم يكونوا موجودين من قبل، وهذا ما حدث لقوم نوح.

لقد أمر الله تعالى نبينا نوح (عليه السلام) بتلبية دعوة قومه، وأن يعدهم بالخير في الدنيا والآخرة، كما وعدهم بأن يستغفروا الله عز وجل وأن يستجيب دعاءهم. . فتوبوا ولا تحملوهم مسؤولية إنكارهم وعنادهم، فالاستغفار يمكّن الله تعالى من أن يرزقهم الجنة في الآخرة، وينعم عليهم بمتع كثيرة في الدنيا.

4- حث المسلمين على الاستغفار

هكذا الآية فقلت: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً. وتفسير ذلك هو كما يلي: كما وعد نوح قومه في هذه الآية الكريمة، فإن الله تعالى ينتظر الاستغفار بتواضع وقلب ونية حتى يغفر لعباده:
(فقلت: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يُنزل عليكم الغيث، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، وييسر لكم ليلاً.).
وفي هذا ينعم الله تعالى على عباده الصالحين المستغفرين، وأكبر الذنب هو الشرك بالله، لكن الاستغفار منه فقط بنية صادقة يغفر الله تعالى له.

وينبغي للمسلم أن يحاول باستمرار التأمل في آيات القرآن. لأن هذا أفضل ما يمكن أن يفعله لأنه يزيده معرفة بأحكام دينه ووصايا الله تعالى.