ليست كل الروايات الرومانسية جريئة وكاملة؛ وهذا يتطلب من الوالدين الخوف والقلق من انخراط أبنائهم معهم؛ إذ لعبت هذه الروايات دورًا مهمًا في تغيير مسار الحضارة المدنية في مصر في القرن الماضي.

ونظرا لأهمية هذا النوع من الروايات سنقدم بعض الأمثلة الساطعة حتى يتمكن القارئ من اختيار الرواية التي تناسب فكره الشخصي.

روايات رومانسية كاملة وجريئة

ومعنى الروايات الرومانسية الكاملة والشجاعة جداً لا يرتبط بالروايات التي تهيمن فيها الحياة الجنسية بكل تفاصيلها كشرط أساسي، والمقصود بالشجاعة هنا هو التمرد والانفصال. القضبان الموضوعة في إطار مسار حياة الإنسان، حيث يعاني الإنسان، وخاصة المرأة، كثيرا من قيود المجتمع… وهو في رأيه حيوان يمكن استغلاله بصمت.

كما تنطوي الشجاعة على التمرد على قوانين الحب ومنظوره، ومفاهيم الجسد واحتياجاته، وغيرها من القضايا الشائكة، ومن أبرز الأمثلة على الروايات الرومانسية شديدة الشجاعة والشمولية:

1- رواية أبي في الأشجار

ولو أردنا أن نعرض نماذج من الروايات الرومانسية الجريئة جداً في مجملها لرأينا أن الكاتب الكبير الراحل إحسان عبد القدوس كان رائداً للفكر الليبرالي الجريء في عصره، وربما كان هذا هو سبب شجاعته. ولم تقتصر شجاعة إحسان عبد القدوس على الجرأة السياسية، بل كان يتحرر أحيانا ويتمرد على قيود العاطفة والحب بين الرجل والمرأة.

وقام ببطولة الفيلم الراحل عبد الحليم حافظ والفنانة الراحلة نادية لطفي، وهو من تأليف إحسان عبد القدوس عام 1968م، وتم تحويله إلى فيلم سينمائي لأول مرة عام 1969م. بجوار الفنان الكبير عماد حمدي والفنانة ميرفت أمين.

تدور أحداث هذه القصة حول مجموعة من طلاب الجامعة من مدينة القاهرة الذين يأتون إلى مدينة الإسكندرية في الصيف لقضاء الصيف في هذه المدينة الساحلية الجميلة. عادل يحيام، بطل القصة، كان يحب فتاة جميلة اسمها أمل، لكنها كانت منعزلة جداً ورفضت القبول… لا تعطيه أي إجابات أو تقييمات.

الشباب في هذه الفترة العمرية وخاصة الأولاد يتميزون بالتهور والاستهتار والترفيه والميل لعيش الترف، فمن ناحية كان يتجاهل حب عادل لأمل، ومن ناحية أخرى كان صغيرا مثل عادل. . جميع الشباب في عمره التقوا ووقعوا في حب إحدى الراقصات أو فتيات الليل في الحانات، مما جعل أصدقائه يبتعدون عنه عندما رفض تركها.

واستمرت الأمور على هذا المنوال حتى وصل الخبر إلى والده في القاهرة، الذي هرع على الفور إلى ابنه لإنقاذه من السقوط في الهاوية، ولكن حدث تطور غير متوقع ووقع الأب في الفخ. كان يغلق شبكات إحدى فتيات الليل وينفق كل أمواله على تلك العاهرة معها، حتى وصل الخبر إلى أذن ابنه الصغير عادل.

في هذه الأثناء، أدرك عادل أن ما هو فيه ليس أكثر من شبكة نصبت حوله ليصبح قرباناً، يصب فيها الوحش كل ما يستطيع من الفريسة التي يصطادها. وعندما علموا بما فعله والده، ذهبوا على الفور لإنقاذ والده وتشاجروا وسط الحشد، وكان من بينهم صديقة عادل الأولى، أمل.

وهنا تتدخل الراقصة التي تحب عادل بالفعل وتحل المشكلة، وتقول لعادل إن هذه البيئة ليست مثل بيئتها الخاصة، وعليها أن تأخذ والدها وتخرج من هذا المستنقع، وأن هذا هو الوضع على أي حال. تبدأ عادل الحياة من جديد في مدينة القاهرة مع حبيبتها أمل، وهنا تنتهي أحداث القصة. إنه يسلط الضوء على حقيقة مهمة مفادها أنه لا يوجد أحد أكبر من أن يكون مخطئًا في الحب.

2- رواية لا نزرع الأشواك

وعلى الرغم مما يعرف عن يوسف السباعي من حنانه وعذوبته وخياله الواسع في كتاباته الروائية، إلا أنه لم يخجل من كتابة روايات رومانسية كاملة وجريئة للغاية، وتظهر هذه الرواية ما يمكن أن يفعله الحب بفتاة عذراء. إذا لم تجد من يحفظها في قلبها ويحميها، بروح طاهرة، بالحب الذي يأتي من مجتمع لا يقبل المرأة كمخلوق له عواطف وحدود.

قدم يوسف السباعي هذه الرواية الرائعة في الستينيات، وخاصة في نهايتها. تم تحويل هذه الرواية إلى عمل سينمائي عام 1970م، بطولة الفنانة الراحلة شادية والمرحوم محمود ياسين، وكذلك الراحل صلاح كابول. الفيلم الذي أصبح عملاً تلفزيونياً درامياً عام 1998م، بطولة الفنان آثار الحكيم والفنان خالد النبوي والفنان ياسر جلال.

تدور القصة حول فتاة صغيرة اسمها سيدة. ماتت والدته وهو صغير ليتزوج والده من امرأة أخرى. وكانت هذه المرأة قاسية للغاية مع الفتاة الصغيرة حتى توفي والدها وتزوجت زوجة أبيها من رجل آخر. تبنى ابنته الصغرى السيدة من أهل الحتا ليعيش معها ومع زوجته وولده الوحيد عباس.

ننصحك بالقراءة

زوجة هذا الرجل استغلت السيدة الصغيرة وجعلتها تقوم بكل أعمال المنزل المتعبة والمضنية، بالإضافة إلى تعرضها لسوء المعاملة والشتائم والقذف والضرب، كما أن شخصية الزوج كانت ضعيفة أيضاً ولم يتمكن من الحماية. زوجته من إيذاء الطفلة الصغيرة، نشأت السيدة في هذه الظروف الصعبة وأصبحت شابة شابة جميلة.

عباس الابن الوحيد لهذه العائلة، نشأ في حياة مترفة ومدللة، حتى أصبح في نهاية المطاف شخص سيئ الشخصية ومتهور، رجل حاول باستمرار الاعتداء على امرأة رفضت طلب والدته للزواج منه، حتى رفضت طلب والدته الزواج منه. ذات مرة هربت امرأة من هذا المنزل بعد أن أجبرها عباس على الزواج منه حتى يتمكن من سرقة أحد المتاجر.

ذهبت امرأة للعمل في منزل عائلة أخرى هي عائلة حمدي الصمدوني، وأظهرت تلك العائلة حبها واهتمامها، ومع مرور الوقت، وقعت امرأة في حب حمدي، الابن الصغير المثقف لهذه العائلة. حمدي، الذي وقع في حب فتاة لم تهتم بحبه، بدأ يشاركها نفس المشاعر مع مرور الوقت، لكنه… عليه أن يتزوج من فتاة أخرى من نفس النسب.

تتقدم امرأة لخطبة قاطع طريق يدعى علام، ويعمل بائع كاجو. عرفت المرأة أن حبها الوحيد هو الفشل ولذلك قبلت الزواج. ولم يمض وقت طويل قبل أن تكتشف أن زوجها قد أخذ كل شيء. باعت مصاغها لتتزوجه، وعندما علمت بالأمر وواجهته طلقها وطردها من المنزل.

في تلك الفترة وقعت امرأة في حب إحدى النساء التي تعمل في الدعارة واستغلت ظروفها لتوظيف امرأة في الدعارة، وهنا التقت بشخص أعطاها مبلغا كبيرا من المال وانصرفت. قبل هذه المهنة المتواضعة ليتعرف من جديد على عباس الذي أقنعه بأنه تغير حقاً وأصبح له مكانة أكبر، وكان والده يعمل في مطبعة.

عندما تزوجت امرأة من العباس أدركت أنه يكذب عليها ويلعب بماله، ولكنها ولدت منه طفلاً أصغر منها وأرادت منه طفلاً. فطلب الطلاق منها في بيت الطاعة، ونتيجة الإهمال مات الصبي الصغير بالحمى وتأثر العباس بهذا الحدث الأليم فطلقها.

امرأة تعمل ممرضة في أحد المستشفيات لتبذل حياتها لخدمة ومساعدة المرضى من الأطفال والكبار، وهناك تلتقي بحبيبها الأول ابن حمدي المريض بمرض التيفوئيد، بل وتحرص على علاجه وتعزيته. وأثناء تواجد الطفل في المنزل لحين شفائه، ظلت السيدة المصابة بالعدوى في المستشفى وتوفيت بين أحضان حمدي.

3- رواية الباب المفتوح

رواية الباب المفتوح كانت ولا تزال من أفضل الروايات الرومانسية الجريئة والمكتملة، كتبتها الروائية الكبيرة لطيفة الزيات وتم نشرها لأول مرة عام 1960م. كانت ضمن أفضل مائة رواية عربية، وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي عظيم عام 1963م.

ويشارك في هذا العمل إلى جانب سيدة الشاشة العربية الراحلة فاتن حمامة، الفنان القدير حسن يوسف والفنان الراحل محمود مرسي والفنان الراحل صالح سليم، وتدور أحداث الرواية حول طبيعة المرأة المصرية في فترة الخمسينيات. . شهد القرن الماضي الصراع بين الحرية والقمع الشديد في المجتمع الشرقي المصري في ظل الاحتلال البريطاني.

ليلى التي تلعب دورها في الفيلم فاتن حمامة، كانت طالبة في المدرسة الثانوية وكانت على علاقة حب وتخطط للزواج من ابن عمها الذي يلعب دوره حسن يوسف، لكنها مع مرور الوقت صدمت بتصرفاته غير اللائقة وغير المشروعة. علاقاتها بخادمة والدها حتى خلقت هذه القضية عقدة قوية لديها ضد الرجال.

الذين باتوا يعنون لها عُبّادًا للشهية باتجاه المرأة فهي في نظرهم وعاء لشهوة الرجل تذعن لأوامرهم الضيوف كانت مهينة لها دون أي حق لها في الاعتراض، مر الوقت وبقيت ليلى في صدمته تغلق على نفسها باب الحياة عازفة عن الحب وتغيرت جميع المفاهيم الخاصة بها والتي كانت تعتنقها في الماضي.

حتى التقت ليلى بصديق شقيقها الذي يلعب دوره الفنان صالح سليم، وهو ليبرالي اعتنق مبادئ الثورة وآمن بالحب وكل معانيه السامية التي تقدس المرأة، وكانت ليلى أيضًا تعاني من الصدمة نفسها. كان حبها السابق معقداً، وكانت ترى أن جميع الرجال موحدون، لا فرق بينهم سوى أسمائهم.

أعجبت ليلى بحسين، لكن خوفها من الماضي أبعدها عنه حتى التقت بأستاذ الفلسفة الذي أعجبت به في جامعتها. وقد لعب دوره الراحل محمود مرسي. وكانت ليلى في حالة من الاستسلام واللامبالاة. ورأى أن الزواج عمل روتيني كالرصاصة، ويجب أن تُطرد المرأة مهما كان تأثيرها.

تخطب ليلى لأستاذ جامعي، وتصدم مرة أخرى من نظرته للنساء كعبيد ومكانهم الأفضل تحت أقدام الرجال، وفي نفس الوقت يعود أيضًا شقيقها وصديقه حسين من بورسعيد. وبينما كانت المدينة تثور ضد الاحتلال، علم بخبر خطوبتها فقال لها بعض الكلمات، وقد أثر ذلك عليه بشكل كبير.

عادت ليلى إلى رشدها ومبادئها الصحيحة ونظرتها المتفهمة لهذا العالم لكل امرأة. لقد عصيت أوامر عائلتها وتركت خاتم خطوبتها في يد أستاذها الجامعي المتعجرف والرجعي. وفي ظل اشتداد الهجمات على مدينة بورسعيد، وعلى مدن القناة الأخرى، شرعت في الوقوف جنبًا إلى جنب مع حسين، الذي أعاد تنشيط قيمة المرأة في هذه الحياة بداخلها.