إن الله تعالى لا يأمر عباده إلا بحكمة، ولا يأمرهم بشيء إلا لمصلحتهم، ومن ذلك وجوب الصيام. ولم يكن الأمر مجرد الامتناع عن الطعام والشراب كما يفعل الله تعالى. فلا يستفيد من عبادة المطيعين، ولا معصية المذنبين، بل يهذب النفس، ويدربها على طاعة أوامره واتباعها، وزهد النفس عن الدنيا وشهواتها.

مقدمة لبحوث الصيام

الصوم هو الامتناع عن الشهوات الدنيوية… والعبادة لله تعالى من الفجر إلى غروب الشمس، والعبادة لله بطاعات متنوعة تزيد من حسناتك أو تنقص من سيئاتك.

حكم الصيام وإثبات مشروعيته

صيام رمضان واجب على جميع البالغين الأصحاء. ويعتبر أحد أركان الإسلام الخمسة، بناء على مشروعيته بالكتاب والسنة والإجماع. وما أقل من صيام رمضان سنة يؤجر العبد عليها، ومن تركها فلا إثم عليه.

“قلت: يا رسول الله، ما الصوم؟ قال: (فريضة كافية، وهو عند الله أضعاف كثيرة).

  • قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “بني الإسلام على خمس أشياء: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا”.

  • كما أجمعت الأمة على وجوب الصيام، وأن إنكاره كفر وردة عن الإسلام.

الحكمة من مشروعية الصيام

  • كسر عادة العبادة: إذا اعتاد العبد على الطاعة، لم يشعر بها في قلبه، وفقد الإخلاص وازداد القلب، فالصوم يجدد الإيمان في النفوس، ويبعدها عن العادات السيئة.
  • المساواة بين الأغنياء والفقراء: من خلال معرفة الفقراء والشعور بمعاناتهم نتيجة الجوع والعطش وعدم القدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية، بالإضافة إلى أن هذه المساواة تزرع في النفس أن القرب من الله لا يكون إلا من خلال الاعمال الصالحة.
  • قوة الإرادة ومجاهدة النفس: ومن أعظم ثمار الصيام أنه يدرب المؤمن على جهاد نفسه وهواه من كل ما يغضب الله عز وجل، وعلى الصبر على الطاعة، وكذلك الصبر على ترك المعصية، الرغبة لا يمكن أن تسجنه.
  • التقدير: إذا أحس العبد بحاجة الفقير ورأى كم أنعم الله عليه كان ذلك حافزاً له على شكره وعند عبادته. كما أن امتناعه عن الأكل والشرب مدة معينة يذكره أن الله لم يمنعه من ذلك نهائيا، فيشكر الله على ذلك.
  • إظهار عبادة الله تعالى في المجتمع: يحقق فوائد كثيرة، إذ يخلق جواً إيمانياً يشجع على التوبة إلى الله والإنابة إلى الله والقيام بالطاعات إلى حد كبير. كما يشعر الخاطئ بالذل والهوان، وينفر من أفعاله وذنوبه.
  • تربية الصدق: لما كان الصيام عبادة سرية، كان مبنياً على الصدق مع الله عز وجل، فإذا كان العبد صادقاً مع الله عز وجل، ينبغي له أن يكون صادقاً مع الخلق.
  • يخفف مجاري الدم، وهي مجاري الشيطان من ابن آدم: وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن مجرى الدم يجري من ابن آدم»، فالصيام يمنع وساوس الشيطان، ويقبل طاعة الله عز وجل.
  • سحق النفس: بالصوم يشعر العبد بافتقاره إلى الله عز وجل، وحاجته إليه، وأنه ضعيف دون أن يقويه الله ويحفظه. وكذلك يجلب النفاق والظلم والتقصير في تحقيق جميع الشهوات التي يمنعها الصيام. في نفوس العباد.
  • تطهير القلب: يعني أن الصيام يطهر القلب، ويجعل القلب مليئاً بحب الله وعبادته ومحبة القرب إليه، ويهجر كل ما سواه، ويمتلئ القلب بذكر الله تعالى وطاعته.

آداب الصيام وسننه

  • التأخير: فهذا كان فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والدليل على ذلك ما رواه زيد بن ثابت رضي الله عنه قال:

    «تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا للصلاة، قلت: كم بينهما؟ قال: «هو مقدار قراءة خمسين آية».

  • تعجيل الفطر: وهذا كان من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وحث عليه أيضاً في أحاديثه، فقال: (الناس بخير ما عجلوا الفطر) ( صحيح البخاري).
  • أفطر على تمر أو تمر أو شربة ماء.
  • إذا دعا الصائم فهي دعوة مستجابة، قال النبي في الحديث: “ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد على ولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر”.
  • كثرة الذكر وقراءة القرآن والسخاء: وكان النبي صلى الله عليه وسلم كريماً كريماً. كان يعطي الكثير ويتصدق، مقدماً المحتاجين على نفسه وأهله.
  • أن يحفظ العبد لسانه، ويحفظ جوارحه من ارتكاب الذنوب والمعاصي. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:

    «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس على الله أن يدع طعامه وشرابه».

ما الذي يبطل الصيام؟

هناك مفسدات كثيرة، منها ما لا يأثم به العبد، ومنها ما يأثم به، وكما بين النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه:

  • الاستقاء: وهو أن يتقيأ العبد عمداً، وهذا رأي جمهور الفقهاء.
  • وذلك لقول الله تعالى: (وَأَحَلُّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصَّوْمِ أَنْ تَرْتَحُوا إِلَى أَزْوَاجِكُمْ…) (سورة البقرة: 187).
  • الحيض والنفاس: وهو أن تصوم المرأة ثم يأتيها دم الحيض أو النفاس قبل ذلك، ولا تأثم في ذلك، لأنه لا دخل لها في المفطرات.
  • الأكل والشرب عمداً: وهذا هو الشكل الأكثر شيوعاً للعبد الذي يدخل طعاماً أو شراباً إلى جوفه عمداً ويتذكر الصيام. والعبد يأثم بذلك وعليه عوضه.
  • الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم: إما عن طريق البلع، أو عن طريق الامتصاص، وهي تفسد الصوم، إلا أنه يجب القضاء بلا إثم.
  • قذف المني مباشرة أو عن طريق الاستمناء.
  • التدخين أو الشرب أو المضغ أو الاستنشاق أو حقن المخدرات.
  • الردة: هي الخروج من الإسلام، لأن الصيام واجب على المسلم، وبالردة يصبح كافراً.

الأشياء التي لا تفسد الصيام

  • عمل الحجامة
  • – ابتلاع الريق ولو كان كثيراً.
  • اشطفه واستنشقه دون مبالغة.
  • خروج الدم من الأسنان أو المعدة.
  • إلا إذا ابتلعه عمدا.
  • الأكل أو الشرب نسياناً.
  • تطبيق كحل.
  • 3.مضغ العلكة بدون طعم أو تذوق الطعام دون أن يصل إلى المعدة
  • ضع العطر أو البطيخ المر.
  • استعمال السواك سواء كان رطباً أو جافاً.
  • جرح في الرأس.
  • ويجد الطعام بين الأسنان في أي وقت ما دام يرميه ولا يبتلعه.

فضل الصيام

  • مضاعفة الأجر والثواب على الأعمال.
  • الصيام لله: جاء في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: «كل عمل ابن آدم له ضعف؛ والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصيام. إنها لي، وأنا سأكافئها.”
  • لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك: هذا ما رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك». عند الله من رائحة المسك “.
  • ومن باب الصيام: أن الله تعالى أعد للصائم أن لا يدخل عليه أحد غيره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

    «إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، ولا يدخل معهم أحد غيرهم، فيقال: أين الصائمون؟ فإذا دخل آخرهم أغلق فلا يدخل منه أحد».

  • والصيام في سبيل الله يبعد العبد عن النار نحو سبعين سنة.
  • حماية العبد من نار جهنم.
  • شفاعة لصاحبه يوم القيامة.

خاتمة البحث في الصيام

فالصوم ليس عبادة فقط، بل هو تربية للناس وتهذيب النفوس. ولذلك يجب على الإنسان أن يحرص على كثرة العبادة، ومعرفة حكمة الصوم، لزيادة إيمان العبد.

تحميل بحث عن الصيام بصيغة PDF

لا يساوي فضل الصائم عند الله فتوره، وكذلك أجر الصائم لا يساوي أجره، ويمكن للعبد الصائم أن يدعو الله بما يشاء فيستجيب له بفضله وكرمه. .